القصباء عالم من وحي الشارقة
ملتقى كل الفئات والثقافات والأذواق
القصباء عالم من وحي الشارقة
تتنوع الأفكار والعواطف والصور عند دخولك “القصباء” في الشارقة، فتشعر وكأنك في حديقة غنّاء ساحرة بمساحاتها المفتوحة وإطلالاتها الساحرة وتنوع خدماتها، وهذا ما جعل القصباء مكاناً نابضاً بالحياة والجمال يمكن الزوار والضيوف من التمتع بخصوصية غاية في الرهافة واللطف مع تنوع أشكال الترفيه والمرح والأنشطة التعليمية والثقافية والسياحية سواء للكبار والصغار والشباب . وتوفر القناة المائية للقصباء رحلات بحرية ترفيهية ممتعة، ويجد من يهوى الموسيقى أنغاماً ساحرة مع نافورة القصباء الموسيقية، ولمن يحب الاستكشاف تأتي عجلة “اتصالات عين الإمارات” بارتفاعها العالي نقطة جذب تستهوي محبي التغيير، والمزيد من التفرد يجتمع في هذا المكان الذي يبعد زواره عن ضجيج الحياة وتسارعها .
تمتد القصباء على مساحة 10 آلاف هكتار، وتعتبر من المعالم والرموز السياحية والثقافية والتجارية والترفيهية البارزة في إمارة الشارقة، ويديرها “مكتب تطوير القصباء”، إحدى الجهات التابعة لهيئة التطوير والاستثمار (شروق) . يقول سلطان محمد شطاف، مدير وجهة القصباء، عن التنوع الثقافي والتناغم الفريد في المكان: لا يحتار الزوار والضيوف من أية جنسية في زيارة القصباء، فهي مكان جاذب يناسب كل الأذواق، ففيه تجتمع المطاعم والمقاهي والمتاجر لتلبي احتياجات الناس، وتتنوع المطاعم الموجودة في القصباء ما بين المطبخ الهندي، والإيطالي، واللبناني، والفرنسي، والسوري، والياباني واليوناني وغيرها وتوفر أشهى الأكلات تحت إشراف متخصصين في فن الطهي . هذا كله في أجواء مميزة يجتمع فيها جمال الطبيعة وتمازج اللون الأخضر لأشجار النخيل والمزروعات المنتشرة في أرجاء المكان، وتضفي المياه عنصراً جمالياً آخر تمثله النافورة والقناة المائية الاصطناعية التي تتوسط القصباء وطولها كيلومتر، وتبحر فيها زوارق خشبية تنقل الزوار إلى بحيرتي خالد والخان المجاورتين من الساعة 5 إلى 11 مساء، علاوة على روعة التصاميم المعمارية .
ملتقى القصباء ومركز الأعمال قسمان لممارسة الأنشطة التجارية المختلفة التي تحتضنها القصباء، ويقول عنهما سلطان شطاف: ملتقى القصباء عبارة عن قاعة مخصصة لعقد اجتماعات الشركات والمؤتمرات ويستوعب 76 فرداً، مع توفر خدمات الفيديو الحديثة وكل المستلزمات التكنولوجية عالية الجودة، ويتم الحجز حسب طلب الزبون أو الشركة وعلى أساسها نوفر عدد المقاعد والطاولات والاحتياجات الأخرى . أما مركز الأعمال فهو مؤلف من 23 مكتباً كل منها مزود بجميع وسائل الراحة مع توفر مجموعة متنوعة من خدمات الدعم المتخصصة والاستشارات القانونية . والهدف من إنشاء المركز مساعدة التجار في سوق العمل في بداية مشوارهم خطوة بخطوة من خلال حجز هذه المكاتب لأشهر فقط والابتعاد عن الإيجار السنوي المكلف مادياً، وبحسب مساحة المكتب تتفاوت الأسعار لتترواح ما بين 4 إلى 6 آلاف درهم شهرياً . ويوجد في المقابل شركات تجارية اتخذت من الطوابق العلوية لمباني القصباء مقراً لها .
حيوية الفعاليات وجذب الجمهور لا تكتمل بعيداً عن مسرح القصباء الذي يستضيف مجموعة كبيرة من الفعاليات والأحداث كالعروض المسرحية والموسيقية والسينمائية والأمسيات الشعرية، إضافة إلى المؤتمرات والندوات، ونظراً لمميزاته الجمالية حاز مؤخراً على جائزة من لندن عن أفضل تحديث وتجديد لتصميم المسرح . يقول سلطان شطاف عن تفاصيل هذا المكان ومميزاته: يتسع المسرح ل 300 شخص ويستضيف مجموعة كبيرة من الفعاليات والأحداث .
وللفنون والموسيقى حصة كبيرة في القصباء تتضح ملامحها في مركز مرايا للفنون، وهو مركز غير ربحي يتبع لهيئة الشارقة للتطوير والاستثمار (شروق)، ويستضيف عدداً من المعارض والفعاليات الثقافية والأنشطة التعليمية . تحت سقف المركز تجتمع حكايات الفنون وإبداعات المواهب والفنانين التي يرويها مديره الإيطالي يوسف موسكاتيللو . وعن هدف المركز وخططه وتطلعاته المستقبلية يقول: أكملت خمس سنوات مديراً للمركز والمشوار بدأ بالتحدي والعمل الجاد، فالهدف من المركز كشف المواهب الإماراتية والعربية والأجنبية وتطويرها ودعمها المتواصل للنجاح والانطلاق في المحافل الدولية والعالمية، إذ يجمع المركز المجتمعي في الطابق الأول المبدعين في مساحة مفتوحة تتوفر فيها كل الخدمات من انترنت ومكتبة وأجهزة كمبيوتر وطاولات كتابة، وغرف عرض الفيديو وقاعة اجتماعات وقسم لورش العمل والفعاليات وأغلبها مجاني .
ويضيف: يضم الطابق الثاني لوحات مؤسسة بارجيل الفنية التي تملك عدداً كبيراً من لوحات الفن العربي المعاصر الخاصة .
صباح مختلف
صباح القصباء لا يشبه غيره برأي ضحى عبد السميع، ربة منزل، فللقهوة طعم آخر في جنبات هذا المكان الهادئ، وتضيف: بيتي قريب من المكان، وأبدأ يومي بزيارة صباحية برفقة صديقاتي أو وحدي أحياناً وأعيش لحظات مميزة أنعش فيها يومي وأستمد طاقتي من جمال المناظر الطبيعية ورونق الخصوصية .
فعاليات جاذبة للعائلة
تصنف خلود الجنيبي، رئيسة قسم الفعاليات في القصباء، الأنشطة إلى فعاليات ثابتة ومتغيرة، وتقول: لا تخلو القصباء من الفعاليات وأجواء المرح والنشاط والتعلم، ومن الفعاليات الدائمة مهرجان القصباء للمأكولات الذي يقام في مارس/آذار سنوياً، واحتفالية عجلة “اتصالات عين الإمارات” في إبريل/نيسان، واحتفاليات اليوم الوطني، ومهرجان رمضانيات القصباء وفعاليات عيدي الفطر والأضحى، وهي خاصة للعائلة، ومن المقرر إقامة مهرجان للموسيقى لكن لم نحدد موعده بعد، فيما يقام مهرجان فنون الشوارع في ديسمبر/كانون الأول، ويتواجد فيه الفنانون والمواهب في ممشى القصباء ويمارسون أعمالهم الفنية من رسم وتصميم وورش عمل تعليمية أمام الجمهور مع مشاركة خبراء متخصصين . وتضيف: تركيزنا دائماً على الأسرة، سواء عربية أو أجنبية، وهذا جذب جنسيات عديدة إلى الفعاليات التي ننظمها .
ونظراً للازدحام والاقبال الكبير على الفعاليات لذلك يجتهد فريق العمل في تنسيق سير الفعالية ونجاحها وكسب رضا الجمهور . تقول الجنيبي: ندخل الجمهور على دفعات في أوقات معينة فلكل ورشة 15 دقيقة وتقام أية فعالية من الساعة 5 إلى 10 مساء، وفي أيام نهاية الأسبوع يمدد الوقت إلى منتصف الليل، ولا نعمل من دون تحديات تتكاتف فيها جهود العاملين في القصباء سواء من قسم الفعاليات والعمليات وخدمة العملاء والتسويق والمبيعات، ودورنا لا يقف عند هذا الحد، بل يشمل تطوير الفعاليات وتقديم الجديد وهذا لا يكتمل من دون رأي الجمهور واقتراحاتهم وأفكار فريق العمل، ونرحب بكل من يرغب بتقديم أفكار جديدة للفعالية ونستقبل اقتراحاته ونشجعه لأن يكون جزءاً منها في التنظيم والمساهمة المباشرة .
تتعدد الأهداف والمكان واحد
القصباء مقر لعدد من الجمعيات والهيئات مثل هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، وجمعيتي المقاولين الإماراتيين، وحماية اللغة العربية، ومبادرة “ثقافة بلا حدود”، واتحاد كتاب الإمارات والكثير من الشركات التجارية، ومما يشجع الجمهور على الإقبال هذا التنوع والتمازج بين الأنشطة والمجالات المختلفة . محمد ظاهر، كاتب وروائي، تشكل القصباء بالنسبة له بيته الثاني وإلهامه خاصة وقت التأمل والكتابة، فهي المكان الأنسب له للقراءة كل صباح . ويقول: تمتاز أجواء القصباء الصباحية بالصفاء وانسجام مريح يمدني بالطاقة ورغبة عارمة في الكتابة والمطالعة، كما سهل وجود مراكز وهيئات ثقافية داخل القصباء تواصلي مع عالم الفكر والشعر والأدب .
ويؤكد أحمد ساحوه، مشرف أجهزة في هيئة مياه وكهرباء الشارقة، وعضو في جمعية متطوعي الإمارات في القصباء، جاذبية المكان وتعدد الخدمات وتناسبها مع كل الاحتياجات ولكل الأعمار، يقول: أنا متطوع في الجمعية وفيها ننظم نشاطات بكل سهولة وترتيب وتنظيم تقدمها إدارة القصباء إضافة إلى جمال أخاذ للطبيعة والقناة المائية ومنظر عجلة الإمارات، فمن مجرد ملتقى للجمهور والزوار تحولت القصباء شيئاً فشيئاً إلى ساحة مفتوحة فيها الجمال والتراث والترفيه وأنا اليوم موجود مع طفلي وعمره 3 سنوات في ركن المرح .
تهوى مريم محمد، ربة منزل، وأم لطفل، ممارسة الرياضة في الصباح الباكر في ممشى القصباء، ويشدها تنوع المحال التجارية، وتقول: أجد كل ما أحتاجه هنا فكل شيء متوفر .
ميساء عبد، طالبة بمعهد الامارات المصرفي، تشعر بالانشراح والراحة خاصة أمام منظر النافورة وخرير المياه، وتقول: أحب طبيعة المكان وهدوءه وأتواجد مع صديقاتي بشكل دائم وقت الراحة، وبعض المقاهي الموجودة في القصباء مكان مناسب للدراسة وتبادل الأحاديث مع صديقاتي .
يتجمع الأصدقاء في القصباء ويتشاركون الأحاديث بمرح شبابي وروح الألفة، ويعتبر حمزة رياض، طالب في الصف الأول الثانوي، أن القصباء من أقرب الأماكن له التي تشعره بالراحة خارج أوقات الدراسة وأجواء البيت، إذ إنه لا يحبذ الجلوس في أماكن مغلقة .
ويرى صديقه عبد الرحمن نزيه، ضرورة الاستفادة من خدمات القصباء خاصة في تنشيط المواهب وصقلها ويقول: تعلمت العزف على آلة الغيتار في مركز الموسيقى بالقصباء من خلال دورة على مدى أربعة أِشهر تلقيت فيها 23 حصة على يد أستاذ موسيقى ماهر، وأشجع الموهوبين على المشاركة وكشف إمكاناتهم فهي خير فرصة .
الهواء العليل والخصوصية وتنوع الجلسات العائلية تشجع فرحان محمد، مهندس مدني، على تفضيل القصباء كوجهة عائلية ويعتبرها مشروعاً ناجحاً يعكس صورة حضارية لإمارة الشارقة وتناسب كل الثقافات والأعمار .