مضر بن نزار ولد 502 ق.م ولد ما بين ( 502 الى 492 ق.م )
وأمه سودة بنت عك، وأخوه لأبيه وأمه إياد، ولهما أخوان من أبيهما من غير أمهما وهما ربيعة وأنمار، وأمهما جدالة بنت وعلان بن جوشم بن جلهمة بن عمرو من جرهم.
وذكر بعضهم أن نزار بن معد لما حضرته الوفاة أوصى بنيه، وقسم ماله بينهم. فقال: يا بني هذه القبة – وهى قبة من آدم حمراء - وما أشبهها من مالى لمضر، فسمى مضر الحمراء. وهذا الخباء الأسود وما أشبهه من مالى لربيعة، فخلف خيلا دهما، فسمى الفرس. وهذه الخادم وما أشبهها من مالى لإياد – وكانت شمطاء – فأخذ البلق والنقد من غنمه. وهذه البرة والمجلس لأنمار يجلس فيه، فأخذ أنمار ما أصابه. فإن أشكل عليكم في ذلك شيء واختلفتم في القسمة فعليكم بالأفعى الجرهمى.
فاختلفوا في القسمة فتوجهوا إلى الأفعى، فبينما هم يسيرون في مسيرتهم إذ رأى مضر كلأ قد رعى، فقال: إن البعير الذي رعى هذا الكلأ لأعور. وقال ربيعة: هو أزور. قال إياد: هو أبتر. وقال أنمار: هو شرود. فلم يسيروا إلا قليلا حتى لقيهم رجل توضع به راحلته. فسألهم عن البعير فقال مضر: هو أعور؟ قال نعم، قال ربيعة: هو أزور؟ قال: نعم، قال إياد: هو أبتر؟ قال: نعم، قال أنمار: هو شرود؟ قال: نعم، قال: هذه صفة بعيرى، دلونى عليه.
فحلفوا له: ما رأوه، فلزمهم. وقال: كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيرى بصفته، فساروا جميعا حتى قدموا نجران، فنزلوا بالأفعى الجرهمى. فنادى صاحب البعير: هـؤلاء أصحاب بعيرى وصفوا لى صفته ثم قالوا: لم نره. فقال الجرهمى: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فقال مضر: رأيته يرعى جانبا ويدع جانبا فعرفت أنه أعور. وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر فعرفت أنه أفسدها بشدة وطئه لازواره. وقال اياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره، ولو كان ذيالا لمصع به. وقال أنمار: عرفت أنه شرود؛ لأنه يرعى المكان الملتف نبته، ثم يجوزه إلى مكان آخر أرق منه نبتا وأخبث.
فقال الجرهمى: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه، ثم سألهم: من هم؟ فأخبروه فرحب بهم فقال: أتحتاجون إلى وأنتم كما أرى. فدعا لهم بطعام فأكلوا وأكل، وشربوا وشرب. فقال مضر: لم أر كاليوم خمرا أجود، لولا أنها نبتت على قبر. وقال ربيعة: لم أر كاليوم لحما أطيب لولا أنه ربى بلبن كلب. وقال إياد: لم أر كاليوم رجلا أسرى لولا أنه لغير أبيه الذي يدعى له. وقال أنمار: لم أر كاليوم خبزاً أجود لولا أنّ التي عجنته حائض.
وكان الأفعى قد وكل بهم من يستمع كلامهم فأعلمه بما سمع منهم، فطلب صاحب شرابه وقال له: الخمر التي جئت بها ما قصتها؟ قال: هي من كرمة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شراب أطيب من شرابها، وقال للراعي: اللحم ما أمره؟ قال: من لحم شاة أرضعناها من كلبة ولم يكن في الغنم أسمن منها. فدخل داره وسأل الأمة التي عجنت العجين فأخبرته أنها حائض، ثم أتى أمه وسألها عن أبيه فأخبرته أنها كانت تحت ملك لا يولد له فكرهت أن يذهب الملك فأمكنت رجلاً نزل بهم من نفسها فوطئها فأتت به فعجب من أمرهم ودس عليهم من سألهم عما قالوا.
فقال مضر: إنما علمت أنها من كرمة غرست على قبر لأن الخمر إذا شربت أزالت الهم وهذه بخلاف ذلك لأنا لما شربناها دخل علينا الغم. وقال ربيعة: إنما علمت أن اللحم لحم شاة رضعت من لبن كلبة لأن لحم الضأن وسائر اللحوم شحمها فوق اللحم إلا الكلاب فإنها عكس ذلك فرأيته موافقاً له فعلـمت أنه لحم شاة رضعت من كلبة فاكتسب اللحم منها هذه الخاصية. وقال إياد: إنما علمت أن الملك ليس بابن أبيه الذي يدعى إليه لأنه صنع لنا طعاماً ولم يأكل معنا فعرفت ذلك من طباعه لأن أباه لم يكن كذلك، وقال أنمار: إنما علمت أن الخبز عجنته حائض لأن الخبز إذا فت انتفش في الطعام وهو بخلاف ذلك فعلمت أنه عجين حائض.
فأخبر الرجل الأفعى بذلك، فقال : ما هؤلاء إلاّ شياطين، ثم أتاهم فقال لهم: قصوا قصتكم، فقصوا عليه ما أوصاهم به أبوهم وما كان من اختلافهم. فقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر فصارت له الدنانير، والإبل وهي حمر فسميت مضر الحمراء، ثم قال: وما أشبه الخباء الأسود من دابة ومال فهو لربيعة، فصارت له الخيل، وهي دهم فسميت ربيعة الفرس ثم قال: وما أشبه الخادم وكانت شمطاء من مال فهو لإياد، فصارت له الماشية البلق من الخيل وغيرها، وقضى لأنمار بالدراهم والأرض فساروا من عنده على ذلك.